هل الانطوائية طبيعة شخصية أم اضطراب نفسي؟

يُعد فهم اختلافات الشخصية بين الناس من مفاتيح بناء علاقات صحية ومتزنة، والانطوائية واحدة من هذه الطباع التي كثيرًا ما يُساء فهمها، رغم أنها ليست عيبًا ولا اضطرابًا، بل نمط طبيعي يتميز به بعض الأفراد بطبيعتهم الهادئة والميل للخصوصية.
فالانطوائي يجد راحته في العزلة والتأمل، ويستمد طاقته من الداخل لا من الزحام، ما يجعله أكثر انتقاءً في علاقاته وأكثر عمقًا في تواصله مع العالم.
الفرق بين الانطوائية والاضطرابات النفسية
يخلط كثيرون بين الانطوائية وبعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب أو الرهاب الاجتماعي، لكن الفارق كبير، فالشخص الانطوائي لا يتهرب من العلاقات الاجتماعية بدافع الخوف أو القلق، بل يفضل خصوصيته ولا يجد ضرورة دائمة للاختلاط.
في المقابل، من يعاني من اضطراب نفسي قد يشعر بالتوتر أو الألم أثناء التفاعل الاجتماعي، ويتجنب الآخرين لأنه يخشى الحكم عليه أو يشعر بالنقص.
الانطوائية لا تتسبب في معاناة داخلية، ولا تؤثر على أداء الشخص في حياته إلا إذا ارتبطت بمشاعر سلبية مزمنة أو رغبة في الانعزال الكامل عن العالم، وفي هذه الحالة قد يكون هناك مكون نفسي بحاجة إلى مراجعة، لكن في طبيعتها الأصلية، الانطوائية ليست مرضًا.
هل تحتاج الانطوائية إلى علاج؟
لا تحتاج الانطوائية إلى علاج إذا كانت لا تؤثر على جودة الحياة أو العلاقات أو الإنجاز المهني، بل يمكن اعتبارها ميزة في بعض المواقف، إذ يتمتع الانطوائيون غالبًا بتركيز عميق، وقدرة على الإنصات، والتفكير المنطقي قبل اتخاذ القرارات، لكن إذا شعر الشخص بأن انطوائيته تتحول إلى عزلة تامة، أو أنه يفتقد القدرة على التعبير عن نفسه، أو يعاني من شعور دائم بالوحدة، هنا يُفضل مراجعة مختص نفسي لتقييم الوضع بشكل دقيق.
نظرة المجتمع للانطوائيين
في بعض الثقافات ينظر إلى الانطوائية على أنها ضعف في الشخصية أو مشكلة تحتاج إلى تصحيح، لكن الواقع أن لكل شخصية نقاط قوتها وضعفها، والانطوائيون قد يكونون مبدعين، مثقفين، أو ناجحين في مجالات تحتاج إلى التركيز والهدوء، بينما لا يحبذون الأضواء أو الاجتماعات الكبيرة، لذا من المهم إعادة النظر في الأحكام المسبقة، والسماح بمساحة لاختلافات البشر دون تصنيفها كاضطرابات.