يعيش الجنوب بكل أطيافه وفي مختلف مدنه وقراه أجواء الفرحة والانتصار بتحرير ساحل وصحراء حضرموت وأجزاء من شبوة التي كانت ترزح تحت سيطرة بقايا قوات النظام اليمني البائد والمليشيات الإرهابية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة دولياً. هذه المليشيات كانت تحتضن خلايا القاعدة وداعش التي فرت من حواضر حضرموت في أبريل 2016. لم نشهد من قبل فرحة عارمة كهذه التي تغمر النفوس فقد كانت تلك القوات تمثل كابوساً جاثماً على صدور الجنوبيين وعصابات تمارس شتى أنواع الفساد والعبث من تهريب المخدرات والأسلحة إلى نهب الثروات وافتعال أزمات النفط والغاز من خلال أعمال التقطع اليومية التي استمرت لعقود.
تتوالى الاعتصامات والمهرجانات الشعبية المؤيدة للقوات المسلحة الجنوبية وقيادتها السياسية ممثلة في المجلس الانتقالي الجنوبي وقائده السياسي الرئيس عيدروس الزبيدي بشكل غير مسبوق. هذه الفعاليات تجسد بهجة الجماهير ومباركتها لهذا الانتصار الاستراتيجي الحاسم الذي سيدونه التاريخ بأحرف من نور. وقد انعكس هذا الإنجاز بشكل واضح على ردود الأفعال الإقليمية والدولية التي تراقب عن كثب تطورات المشهد الجنوبي الراهن ومثل صفعة غير متوقعة لقوى التآمر والنخب السياسية التي نسمع دوي صراخها وعويلها هنا وهناك.
لم يكن هذا التلاحم الشعبي مع القيادة السياسية حدثاً عابراً أو وليد اللحظة بل هو امتداد لتجربة نضالية فريدة خاضها الجنوب منذ ما قبل "الربيع العربي" عبر الحراك الشعبي الذي انطلق بعيد اعلان الوحدة المشؤومة بل أن هذا الإرث النضالي يمتد الى تجربة ثورة الرابع عشر من أكتوبر التحررية ونجاحاتها الكبيرة والتي كانت ثمرة تفاعل شعبي مميز جعلها مختلفة عن الثورات التحررية الأخرى في الدول النامية. هذه الثورة التي تحاكي في تأثيرها الثورة الجزائرية أحدثت تغييرات مجتمعية وسياسية وثقافية جذرية وأرست قواعد دولة مؤسسات مدنية رغم ما شاب تجربتها من أخطاء وإخفاقات.
اليوم أثبتت القيادة السياسية الجنوبية أنها قادرة على الصمود وتجاوز العثرات التي تصنعها القوى المعرقلة والمتمثلة ببقايا الدولة العميقة وأجهزتها المتآمرة بقيادة جماعة الاخوان المسلمين وتنظيمها السياسي "حزب الإصلاح" الإرهابي. هذا الحزب يتخادم دون ريب مع مليشيات الحوثيين في صنعاء ويعمل دون كلل على عرقلة عملية التنمية وإعادة بناء مؤسسات الجنوب تمهيداً لإعادة السيطرة عليه. وما تكشف من عمليات تخزين هائلة للأسلحة
الثقيلة في المنطقة العسكرية الأولى يمثل دليلاً قاطعاً على وجود مخطط إجرامي لإعادة السيطرة على الجنوب كان يُدار تحت أعين السلطة الشرعية الفاشلة.
إن المجلس الانتقالي الجنوبي وهو يخوض اليوم معركة تحرير الجنوب من الجماعات الإرهابية يتحمل مسؤولية كبرى في سد المنافذ أمام هذه الجماعات التي تستهدف الجنوب والمنطقة بأسرها, كما يقع على عاتقه تعزيز التعاون الأمني والسياسي مع دول وشعوب الجزيرة والخليج وكذا في الوفاء لشعب الجنوب الذي منح ثقته للمجلس واصطف خلفه يتطلب التمسك بالخط الوطني الذي يسير عليه المجلس والحفاظ على المكتسبات التي تحققت والاستمرار في النضال العسكري والسياسي حتى إعلان قيام دولة الجنوب العربي المستقلة كاملة السيادة.