09:21 ص calendar الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق 19 جمادى الأولى 1446 بتوقيت عدن
الرئيسية عاجل القائمة البحث

في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتزايدة تلجأ العديد من الحكومات حول العالم إلى ما يمكن اعتباره "استراتيجية التمويه" عبر خلق أحداث وقضايا جانبية تهدف إلى تحويل الأنظار عن أوجه القصور والعجز التي تعجز عن مواجهتها وتغييرها نحو الأفضل، فبدلًا من التركيز على معالجة القضايا الأساسية التي تؤثر على المواطنين تُستَحدث الأزمات وتُعزَف على وتر الخلافات أو حتى تُختلَق أحداث خارجية أو داخلية؛ كل ذلك بهدف إبعاد الأنظار عن حقيقة الفشل في إدارة شؤون الدولة.

في بعض الأحيان تستخدم الحكومات وسائل الإعلام لخلق ضجة حول قضايا جانبية قد لا تكون ذات أهمية كبيرة على الصعيد العام، وفي حالات أخرى تُوظَّف الأزمات الإقليمية والدولية كفرصة لتوجيه النقاش العام وإشغال المواطنين بقضايا خارجية، وبينما ينغمس المجتمع في جدالات لا تمسّ حياته اليومية مباشرة تظل القضايا الأساسية -مثل البطالة، وارتفاع أسعار المعيشة، وتدهور الخدمات العامة- بلا حلول، بل وقد تتفاقم في غفلة من الجميع.

ومن الملاحظ أن هذه الاستراتيجية باتت وسيلة يلجأ إليها بعض صانعي القرار عند تعثّر محاولات تحقيق التنمية الحقيقية. فعندما لا تستطيع الحكومات تحسين واقع التعليم أو الرعاية الصحية أو الاقتصاد، تركز على تضخيم أخطار أو استهداف قوى معينة للتغطية على عجزها.

 بمرور الوقت، يولّد هذا السلوك حالة من اليأس والإحباط لدى المواطنين، حيث يدركون أن مشاكلهم الحقيقية لا تُواجه أو تُعالج.لا شك أن مسؤولية الحكومة الأساسية هي العمل بشفافية والاعتراف بالصعوبات ومحاولة حلّها بشكل جدي، بدلاً من الانصراف إلى مسرحية الأزمات المصطنعة. 

إذ أن انشغال الناس بقضايا فرعية واستنزافهم نفسيًا بمواجهة أعداء وهميين لا يُعَدّ سياسة ناجحة، بل استراتيجية قصيرة الأمد تُعمِّق الأزمات وتدفع المجتمعات نحو الانقسام والسلبية.أخيرًا، يبقى السؤال الكبير: هل تستطيع الحكومات تغيير هذا النهج؟ إن الجواب يكمن في مدى وعي الشعب واستعداد وسائل الإعلام للعب دورها الحقيقي في كشف الحقائق وتوجيه النقاش نحو المسائل الأكثر أهمية، مما قد يشكّل ضغطًا على الحكومات لتحمّل مسؤولياتها ومعالجة قضايا الشعب بشفافية وفعالية بعيدًا عن محاولات الهروب من الواقع.

 

 

 

 

تم نسخ الرابط